ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﺍﻹﺧﻮﺓ ﻭﺍﻷﺧﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ. ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﺃُﺧﺎﻃﺒﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻭﺃُﺧﺎﻃﺐ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻜﻢ ، ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺎﺕ.
ﺃُﺧﺎﻃﺒﻜﻢ ﺇﺫ ﻳﺴﺘﺸﺮﻑ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻇﻞ ﻳﺴﺘﺸﺮﻓﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺇﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﻋﺎﻡ 2005 .... ﻭﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺖ، ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻤّﻬﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺛﻮﺏ ﺇﻟﻲ ﻏﻤﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ .
ﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤّﻬﻞ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﻭﺣﻜﻮﻣﺘﻪ، ﻭﻗﺪ ﺑﺬﻻ ﻟﻠﺠﻨﻮﺏ، ﻋﻘﺪﺍً ﻣﻨﺼﻔﺎً ﻭﻛﺮﻳﻤﺎً ﻭﻧﺎﻇﺮﺍً ﺇﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ . ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻷﺻﻴﻞ ﻓﻲ ﻭﻃﻨﻴﺘﻪ ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳُﻘّﻮﻣَﻪُ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﻭﻣﻮﺍﻃﻨﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ . ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻣﻌﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺔ ﺇﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻢ، ﻫﻞ ﻳﻘﺒﻠﻮﻧﻪ ﺃﻡ ﻳﺨﺘﺎﺭﻭﻥ ﺩﻭﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ؛ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺛﺒﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻣﻤﻜﻨﺎً... ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻮﻥ ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻟﻮﻫﺎ.
ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻷﻧﻔﺼﺎﻝ، ﻗﺪ ﺃﺩﻯ ﺍﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﺘﻤّﻬﻞ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ ﺃﺧﺮﻯ، ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﺃﻧﺨﺮﺍﻁ ﻣﻔﺎﻭﺿﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻨﺘﺠﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﻧﻔﺼﺎﻝ . ﻭﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻧﻲ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻀﻊ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﺩﺛﺎﺕ، ﺍﻟﺪﻭﻟﺘﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﺴﺎﺭ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺍﻹﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻶﺯﻣﻴﻦ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻱ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺑﻨﺎ ﻭﺷﻌﺒﻨﺎ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻤﻬﻞ ﻓﻌﻼً ﻻﺯﻣﺎً ﻟﻠﺘﻬﻴﺆ ﻟﻠﻮﺛﻮﺏ . ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﺳﺘﺔ ( 6 ) ﻭﻋﺸﺮﺓ ( 10 ) ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﻴﺔ، ﺗﻮﻗﻴﺘﻴْﻦ ﻣﺆﻣﻠﻴْﻦ ﻹﻋﻼﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﺒﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎﺳﺒﻖ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺢ ﺇﻟﻴﻪ، ﺇﺳﺘﻤﺮ ﺗﻘﺒﺾ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ، ﺇﻧﺘﻈﺎﺭﺍً ﻭﺗﺮﻗﺒﺎً .
ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺣﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺘﻈﺎﺭ ﻓﺘﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺒﺾ، ﻳﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻟﻠﻮﺛﻮﺏ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻗﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺪﺩﺓ. ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻹﻧﻄﻼﻕ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﺜﺎﻟﻲ، ﻷﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺮ ﻫﻮ ﻭﻗﺘﻨﺎ، ﻫﻮ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﻠﺘﺖ ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺧﻼﻝ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻹﺳﺘﻘﻼﻝ.
ﻋﻠﻰ ﻛﺮﻳﻢ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻞ، ﻓﻲ ﺇﺟﺘﺮﺍﺡ ﻭﺛﺒﺔ ﺗﻀﻊ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻧﻈﺮﻫﺎ، ﻻ ﺗﺤﺖ ﺍﻷﻗﺪﺍﻡ . ﺇﻥ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ، ﻭﺍﻟﺘّﻌﺮﻑ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼﺕ، ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻇﻦ ﻣُﻘﻌِﺪﺓ ، ﻓﻲ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺭﺗﻔﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻟﺤﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ.
ﻭﻧﺘﻮﺟﻪ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻭﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﺨﻔﻮﻥ ﺑﻤﻨﺎﻓﺴﻴﻬﻢ ﻭﺧﺼﻮﻣﻬﻢ، ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﺘﺨﻔﺎﻑ، ﻣﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺗﻘﻠﻴﻼً ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ، ﻭﺩﺍﻓﻌﺎً ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻈﺎﻫﺮﻩُ ﺗﻐﺰﻭ ﻋﻘﻮﻝ ﺃﺟﻴﺎﻟﻨﺎ.
ﺇﻥ ﻧﻔﺾ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻷﺻﻴﻞ، ﻟﻬﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﺒﺔ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﺪﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﺎﻣﻦ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺇﻧﻄﻼﻗﺔ ﺭﺍﺷﺪﺓ، ﻗﺎﺻﺪﺓ ﺛﻢ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ.
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﺒﺔ، ﻟﻴﺴﺖ ﻭﻻﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﻧﻀﺞ ﻟﻮﺛﺒﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، ﻭﻃﻨﻴﺔ، ﺷﺎﻣﻠﺔ، ﻃﻤﻮﺣﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻤﻜﻨﺔ . ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ، ﻧﺤﻦ ﻧﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﺏ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ ﻛﻠﻪ، ﻻ ﻟﻌﻀﻮﻳﺘﻨﺎ ﻭﺣﺪﻫﺎ، ﻭﻻ ﻧﺴﺘﺜﻨﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺃﺣﺪﺍً، ﺣﺘﻰ ﻭﻻ ﻣﻨﺎﻓﺴﻲ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺇﺫ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﻄﻼﻕ ﻭﻃﻨﻲ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﻫُﻤﺎﻡ ﻣﻤﻜﻨﺎ ً ﺑﺪﻭﻧﻬﻢ. ﻻﻧﺼﺎﺩﺭ ﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ، ﻭﻟﻜﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪﻩ ﺗﻨﺎﻓﺴﺎً ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻻ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻧﺄﺧﺬ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻹﻟﺰﺍﻡ، ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻌﻴﻨﺎ ﺍﻟﺤﺰﺑﻲ ، ﺇﻻ ﻋﻤﻼً ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺗﺴﺎﺑﻘﺎً ﺿﺪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﻴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻦ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﻤﺎﺛﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻮ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﺤﺰﺑﻲ ﺍﻟﻀﻴﻖ، ﻭﺃﻥ ﺗﻤﺤﻮ ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭﺃﻥ ﻳﺪﺍﺭ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻻﻫﺎ، ﺑﺜﻤﻦ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻫﻮ، ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻏﺎﺭﻣﺎً، ﺑﻞ ﻳﺠﻨﻲ ﺛﻤﺮﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺩﺍﻟﺔ ﺭﺷﺎﺩﺍً ﻭﺗﻤﻜﻨﺎً ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ، ﺳﻴﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺭﻩ .
ﻓﺈﻥ ﻳﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺪﺍﺀ ﻣﻮﺟﻬﺎً ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻓﻼ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱَ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﻟﻠﻮﺛﻮﺏ، ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﺧﻄﺎﺑﻨﺎ ﺇﻟﻲ ﻋﻀﻮﻳﺘﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﺛﻨﺎﺀﻩ ﺃﻳﻀﺎً، ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﻘﻘﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻹﺳﺘﺠﺎﺑﺔ، ﺩﻋﻮﻯَ ﺍﻟِﺤﺰﺏ ﺍﻟﻨﺎﻫﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻨﺎﻫﺾ، ﻻ ﻟﺤِﺰﺏ ﺍﻟﻤَُﺪَﻋِﻲ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ.
ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻄﻠﺒﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻣﻨﻈﻤﻴﻦ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻈﻤﻴﻦ، ﻫﻮ ﻋﻤﺪ ﻏﻴﺮُ ﺳﻬﻞ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻏﻴﺮُ ﻣﻨﺼﻒ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭﻻً، ﻣﺎﺗﺴﺘﻮﺟﺒﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﺒﺔ، ﻣﻦ ﻧﻬﻲ ٍ ﺃﻭ ﺇﻳﺠﺎﺏ، ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻳﺔ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﺗﺮﻭﻳﻀﺎً ﻟﻠﺬﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﻄﺔ ﻛﻠﻬﺎ، ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﻣﺄﺧﺬ ﺍﻟﺠﺪ .. ﺇﻋﻼﺀﺍً ﻟﻠﻮﻻﺀ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﻻﺀٍ ﺟﺰﺋﻲ ﻋﺪﺍﻩ . . ﺗﺴﻠﻴﻚ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻮﻻﺀﺍﺕ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺭﺍﻓﺪﺍً ﻣﺸﺮﻭﻋﺎً ﻟﻠﻮﻻﺀ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ. ﺗﺮﺣﻴﺒﺎً ﺑﺴﺒﺎﻕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻻ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ . . ﺗﺄﻫﻴﻼً ﻟﻠﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﻟﺘﻨﺎﻝ ﺣﻈﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻛﻠﻪ، ﻻ ﻛﻴﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﺁﺧﺮ . . ﺇﻗﺒﺎﻻً ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻔﻜﺮ ﺻﺎﺩﻕ، ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺤﻞ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻮﻫﺐ ﻣﻦ ﺍﻻﺑﺎﻋﺪ ﺃﻭ ﻣﻮﺭﻭﺙ ﻋﻦ ﻛﻼﻟﺔٍ، ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﻮﻃﻦ، ﺃﻭ ﻣﺬﻋﻦ ﻟﻠﻴﺄﺱ ﺍﻟﻤﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻀﻌﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌُﺮﻯ. ﻭﻟﻜﻲ ﻧﺤﻘﻖ ﺃﻣﻠﻨﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺤﻘﻪ ﺃﻭﻻً. ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻼ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺃﺻﻼً ﻟﻜﻞ ﻧﺠﺎﺡ؛ ﺗﻌﺎﻭﻥ، ﻻﻳﺴﻠﺐ ﺃﺣﺪﺍً ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﺪﺍﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻱّ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﻃﻨﻲ، ﻳﺠﻌﻠﻪ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺣﻘﺎً ﻟﻜﻞ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻭﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ .
ﻭﻟﻨﺬﻛﺮ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻻﻫﻴﺎً، ﻳﻘﺼﻲ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎً، ﻭﻳﺮﻫﻦ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻭﻻﺀﻩُ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻳﺘﺒﻊ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻳﺆﺫﻱ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻛﻴﺪﺍً ﻟﻤﻨﺎﻓﺲ، ﻷﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﺮﻍ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻠﻬﻮ ﻣﻌﻨﺎ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ. ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﺄﻧﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗَﻌْﻤﻲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻤﺸﻜِﻠﺔ، ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻨﺔ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗُﻨﺒﺊ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﻌﺎﻳُﻨﻬﺎ ﻭﻳُﻌَﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﺟﻤﻴﻌﺎ .
ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺑﺎﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ، ﻟﻴﺲ ﺣﻨﻴﻨﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﺎﺽٍ ﺑﺴﻴﻂٍ ﺳﻬﻞ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺗﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺣﺴﻦ، ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀ ﺃﻥْ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻘﺮٌ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻓﻘﺮ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻟﻴﺲ ﺃﺷﺪ ﻣﻦ ﻓﻘﺮ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺑﻤﻘﻴﺎﺱ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻭﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻝ ﺃﻇﻬﺮ، ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ، ﻓﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﻴﻖ، ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺑﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻻ ﺿﻴﻖ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ، ﻟﻬﻮ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺒﺮﻯ، ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺇﻏﺘﻨﺎﻣﻬﺎ، ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﺍﻟﺠﺎﺩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺟﻌﻞ ﺳﺒﻴﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻤﻜﻨﺘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺠﺪﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺳﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻴﺲ ﻓﺮﺩﻳﺎً، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﺳﻊ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ، ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺇﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ، ﻭﻫﻮ ﺇﺫﺍً ﻓﺮﺻﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﻘﺴﻮﺓ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺯﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻛﻮﻥ ﺍﻟﺘﻄﻠﻊ ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻫﻮ ﺭﺅﻳﺎ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻧﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭﺇﺳﺘﻌﻈﺎﻣﻬﺎ، ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻹﻗﺒﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻔﺮﺻﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﻬﺰﻡ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎً، ﺃﻣﺎ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺗﻪ ﺃﻓﺬﺍﺫﺍً ، ﻓﻠﻦ ﻳﻐﻴﺮﻩ ﺃﺑﺪﺍً .
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﻃﻨﻲ ﻭﺍﺳﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺣﺰﺑﻨﺎ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ... ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ .