البيان الصحفي
بعد حصول الحزب الوطني الاتحادي علي شهادة التسجيل وتوفيق أوضاعه بوصفه حزبا تاريخيا رائدا يحق له خوض الانتخابات المقرر إجراؤها العام القادم تكون الفرصة قد أتيحت لهذا الحزب العريق ليكمل مسيرة البناء الوطني التي بدأها الرواد الوطنيون الأوائل بقيادة الزعيم إسماعيل الأزهري والذي جاء نضاله ورفاقه امتدادا لحركة اللواء الأبيض بقيادة علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ وعبيد حاج الأمين وصلا للماضي بالحاضر من أجل مستقبل مشرق لذلك كان ضروريا للوطن والساحة السياسية أن يعود الحزب الوطني الاتحادي في ثوب جديد ليسهم في هذه المسيرة الوطنية التي بدأها بالتحرير في القرن الماضي ولم تسعفه المُكنة السياسية من مباشرة حركة التعمير التي أساسها الاستدامة من أجل وطن يسع الجميع وتعلو فيه رايات الحرية والحق والعدالة الاجتماعية,علي الرغم من أن التحرير لا يزال في بلادنا في حاجة إلي مُعِين يخرجه من براثن الفكر الشمولي والتسلط والطغيان والاستبداد والتي عادت ببلادنا إلي ما قبل مؤتمر الخريجين إذ برزت الجهويات والاستعصام بالقبيلة وامتدت العصبية إلي ميادين الانتماء الرياضي في مخطط رجع بالسودان إلي عوامله الأولية وانفتح الباب واسعا أمام تدخل القوي الدولية مما استدعي الحاجة إلي استنباط وتبني وسائل جديدة وفاعلة للتحرر.
يتطلع المجتمع السوداني بأسره لا سيما السياسي منه إلي قضية التحول الديمقراطي باعتبارها أهم ما خرجت به اتفاقية نيفاشا لتصبح بدورها مخرجا للوطن وعودته من الاغتراب إلا أن الريبة والشكوك تحيطان هذا التطلع لأن سلطة الإنقاذ وضعت كل مطلوبات هذه القضية في مهب الريح حيث لا تزال سياسة القمع وتكميم الأفواه واسعة الدائرة ويقف شاهدا علي ذلك منع بعض الأحزاب المعارضة من إقامة اللقاءات والندوات السياسية ولا تزال الصحف ترزح تحت نير الرقيب الأمني الذي صار رئيس التحرير الفعلي كما لا تزال الاعتقالات التحفظية تطال بعض رموز العمل السياسي.
إن تحري المصداقية في التوجه نحو التحول الديمقراطي والتزام الشفافية في اقتسام السلطة والثروة لهو أكبر محفّز علي حمل الجميع علي الوحدة فالجاذبية الحقيقية لهذا الشعار تكمن في أن يري المواطن وطنه رحبا يتساوي فيه الجميع أساسه المواطنة وسُداته أجهزة مدنية لا تفرق بين المواطنين علي أساس العرق أو القبيلة أو الإقليم أو الدين يضع في اعتباره بالدرجة الأولي أن السودان بلد الثقافات المتعددة التي لديها القدرة علي الحوار والمثاقفة فيما بينها دون تدخل السلطة القابضة وترك ذلك لحركة المجتمع العفوية علي أن تقوم الدولة بدور الحراسة لهذه المعاني من أجل أن تسود وتنبسط دائرتها, وتعزز مفهوم ديمقراطية الثقافة وجماهيريتها باعتبارهما المدخلين الرئيسين للنهضة.
إن أحد أسباب تفكك النسيج الاجتماعي السوداني يتمثل في النهج الاقتصادي الغير ملائم والذي تم تبنيه في الحقبة الماضية مما أدي إلي خلل جوهري في توزيع عائدات الإنتاج وتغييب الطبقة الوسطي صمام الأمان لاستقرار أي مجتمع لذا لابد من عمليات إصلاح اقتصادي جوهرية تطال الفساد المالي والإداري وتضع الحساب القسط لكل القوانين التي لعبت دورا في استباحة المال العام واتساع دائرة الفقر وإلغاء مجانية التعليم والصحة حيث تهدف هذه الإصلاحات إلي توسيع مواعين الطبقة الوسطي والمواءمة بين حاجات الفرد المادية ودور الدولة علي أن يتسق ذلك مع تعزيز دور القطاع الخاص جنبا إلي جنب مع القطاع العام وانتهاج نظام ضريبي تصاعدي وشفّاف.
لن يكتب لهذه المعاني التمدد والانبساط إلا بالبحث عن حلول ناجعة للمشكلة الوطنية في دارفور والتي كلما ضاقت حلقاتها دفعت بها الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني بالدرجة الأولي إلي دائرة أكثر ضيقا ولا يعفي ذلك حركات دارفور جميعها من المسؤولية إذ لا بد من توحيد الموقف التفاوضي القادر علي وضع مشكلات المواطن الدار فوري في الإقليم أولوية قصوى حتى ينعم الإقليم بالاستقرار ويستعد للدخول في دائرة الفعل السياسي القاعدي بالمشاركة الحقيقية في الانتخابات ,وإذا فشلت الحركات في توحيد موقفها التفاوضي يُجري استفتاء عام علي أطروحات هذه الأطراف في ولايات دارفور الثلاث قبل الانتخابات وتكون نتيجته ملزمة للحكومة المركزية حيث يشرف علي الاستفتاء حكومة تيكنوقراط تحت رقابة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.بالإضافة لتشكيل لجنة عليا من مؤسسات المجتمع المدني والإدارة الأهلية لتحقيق العدالة الانتقالية من أجل خلق مصالحة بين كل مكونات المجتمع الدار فوري, والقيام بعملية إصلاح قانوني وقضائي واسعة النطاق كي يتسنى محاكمة كل من ارتكب جرائم وانتهاكات في حق المدنيين في دارفور.
شهدت البلاد في الشهور الماضية عملية ما زعمت الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني أنه " تعداد سكاني " يدخل كله في دائرة الاسترابة والنوايا المُبيّتة وشبهات التزوير علي مستوي الإحصاء السكاني ,والدوائر الانتخابية التي "فُصّلت تفصيلا" بحيث زيدت نسبة السكان في المناطق التي يري فيها المؤتمر الوطني قدرته علي إقناع الناخب بالتصويت لصالحه" بشتى الوسائل" وتم تخفيض هذه النسبة في المناطق التي تدين بالولاء لقوي أخري علي أساس جِهوي يسعي لتمكين الجهوية والقبلية في المجتمع ,ناهيك عن إقليم دارفور الذي لا يُمكّن وضعه من قراءة صحيحة تجعله مهيأ للتعداد.
يمضي الحزب الوطني الاتحادي في المرحلة الراهنة في سبيل إجراء حوار حر وديمقراطي مع جميع قوي الوسط من أجل الوصول لصيغة توحد كل هذه القوي في كيان جامع يمثل كل قوي المجتمع الحية ويستنهض الهمم لبعث الحياة في الطبقة الوسطي التي تحفظ التوازن من أجل تحقيق مجتمع الكفاية والعدالة الاجتماعية كما يسعي من خلال هذه الصيغة التحالفية إلي محاربة الاستقطاب العرقي والتدافع في فناء السودان الموحد القائم علي التعدد الإثني والثقافي والديني .....الخ
يتزامن هذا الحوار العمل مع كل القوي السياسية الأخرى من أجل توفير مطلوبات التحول الديمقراطي حتى ينعم الوطن بالاستقرار والأمن والسلام الاجتماعي.
الحزب الوطني الاتحادي