بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
(ق والقرآن المجيد )
ورد في تفسير الطبري :
( حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير {ق والقرآن المجيد} قال: الكريم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم، فقال بعض نحويي البصرة {ق والقرآن المجيد} قسم على قوله: {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} ، وقال بعض نحويي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به، وقال: ذكر أنها قضى والله، وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف والله؛ قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء) تفسير الطبري
وجاء في تفسير القرطبي :
(وفي قوله: "بغير عمد ترونها" قولان: أحدهما: أنها مرفوعة بغير عمد ترونها قاله قتادة وإياس بن معاوية وغيرهما. الثاني: لها عمد، ولكنا لا نراه قال ابن عباس: لها عمد على جبل قاف ويمكن أن يقال على هذا القول: العمد قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض، وهي غير مرئية لنا ذكره الزجاج.) تفسير القرطبي
( والتواري الاستتار عن الأبصار، والحجاب جبل أخضر محيط بالخلائق قاله قتادة وكعب. وقيل: هو جبل قاف. وقيل: جبل دون قاف) تفسير القرطبي
واختلف في معنى "قاف" ما هو؟
فقال ابن زيد وعكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء اخضرت السماء منه، وعليه طرفا السماء والسماء عليه مقبية، وما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل. ورواه أبو الجوزاء عن عبد الله بن عباس.
قال الفراء: كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في "ق" لأنه اسم وليس بهجاء.
قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه كقوله القائل:
قلت لها قفي فقالت قاف
أي أنا واقفة.
وهذا وجه حسن وقد تقدم أول "البقرة".
وقال وهب: أشرف ذو القرنين على جبل قاف فرأى تحته جبالا صغارا، فقال له: ما أنت؟ قال: أنا قاف، قال: فما هذه الجبال حولك؟ قال: هي عروقي وما من مدينة إلا وفيها عرق من عروقي، فإذا أراد الله أن يزلزل مدينة أمرني فحركت عرقي ذلك فتزلزلت تلك الأرض فقال له: يا قاف أخبرني بشيء من عظمة الله قال: إن شأن ربنا لعظيم، وإن ورائي أرضا مسيرة خمسمائة عام في خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم به بعضها بعضا، لولا هي لاحترقت من حر جهنم. فهذا يدل على أن جهنم على وجه الأرض والله أعلم بموضعها وأين هي من الأرض. قال: زدني، قال: إن جبريل عليه السلام واقف بين يدي الله ترعد فرائصه، يخلق الله من كل رعدة مائة ألف ملك، فأولئك الملائكة وقوف بين يدي الله تعالى منكسو رؤوسهم، فاذا أذن الله لهم في الكلام قالوا: لا إله إلا الله وهو قوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" يعني قوله: لا إله إلا الله. )آ.هـ تفسير القرطبي
إختلفت الآراء حول حقيقة وجود جبل قاف والذي ذكر في الكثير والكثير من كتب القوم بل وأوراد وأذكار بعض الأكابر فهل له وجود فعلي ؟؟ فإننا والله لا نكذب أهل الله ولكن مجرد تساؤل يحيرني منذ فترة طويلة وإليكم بعض المواضع التي ذكر فيها :
قال ابن عربي في الفتوحات المكية : (( أخبرنا صاحبنا موسى السدراني وكان صاحب خطوة محمولاً قال لما وصلت إلى جبل قاف وهو جبل عظيم طوق الله به الأرض وطوق هذا الجبل بحية عظيمة قد جمع الله رأسها إلى ذنبها بعد استدارتها بهذا الجبل قال موسى فاستعظمت خلقها قال فقال لي صاحبي الذي كان يحملني سلم عليها فإنها ترد عليك قال ففعلت فردت السلام وقالت كيف حال الشيخ أبي مدين فقلت لها وأنى لك بالعلم بهذا الشيخ فقالت وهل على وجه الأرض أحد يجهل الشيخ أبا مدين فقلت لها كثير يستخفونه ويجهلونه ويكفرونه فقالت عجباً لبني آدم أن الله مذ أنزل محبته إلى من في الأرض وإلى الأرض عرفته جميع البقاع والحيوانات وعرفته أنا في جملة من عرفه فما تخيلت أن أحداً من أهل الأرض يبغضه ولا يجهل قدره كما هم أهل السماء في حق من أحبه الله ... الخ )) ( ص 192 / 5 ، طبعة دار الكتب العلمية).
وقال صفي الدين الحسين بن جمال الدين الأنصاري الخزرجي في كتابه سير الأولياء وهو يتكلم عن أبي الحسن الدقاق ، والشيخ محمد الأزهري العجمي : (( ففما أخبر عنه أنه قال : وصل به إلى جبل قاف وأراه الحية الدايرة بالجبل خضراء ورأسها على ذنبها دائرة بالجبل )) ص 73 .
لقد تحدث عنه صاحب " قوت القلوب" ابي طالب المكي (2/69) :
" وقيل لأبي يزيد بلغت جبل قاف؟ فقال: جبل قاف أمره قريب الشأن في جبل كاف وجبل عين وجبل صاد، قال: وما هذا؟ قال: هذه جبال محيطة بالأرضين السفلى، حول كل أرض جبل بمنزلة جبل قاف محيط بهده الدنيا، وهو أصغرها، وهذه أصغرالأرضين، وقد كان أبو محمد يخبر أنه صعد جبل قاف، ورأى سفينة نوح مطروحة فوقه، وكان يصفه ويصفها، وقال للّه عبد بالبصرة يرفع رجله وهو قاعد فيضعها على جبل قاف، وقد قيل: الدنيا كلها خطوة للولي، وإنّ وليَّا للّه خطا خطوة واحدة خمسمائة عام، ورفع رجله على جبل قاف والأخرى على جانب الجبل الآخر، فعبر الأرض كله " .قوت القلوب" ابي طالب المكي (2/69)
والصلاة والسلام على خير الانام